الكعب الرقمي- هل حلت التكنولوجيا مشاكل البيروقراطية أم زادتها تعقيداً؟
المؤلف: أسامة يماني09.10.2025

أطلق أحد الأصدقاء على التعقيدات البيروقراطية في العصر الرقمي مصطلح "الكعب الرقمي" أو "الإلكتروني"، في إشارة إلى المعاناة التي كان يواجهها المراجعون في ستينيات القرن الماضي وما تلاها، حيث كان الموظف الإداري يتجاهلهم تمامًا، وكأنهم يدورون في حلقة مفرغة دون جدوى. هذا المصطلح يستحضر صورة المراجع المُهمَل، الذي لا يجد من يصغي إليه أو يعبأ بمعاناته.
على الرغم من التحول الجذري الذي أحدثته التكنولوجيا، وما جلبته من مزايا جمة وفوائد عظيمة، إلا أن هذه الرقمنة قد أسفرت عن ظهور نوع جديد من البيروقراطية العصرية، يتجلى في صور مختلفة من المعاناة. فمع دخول التكنولوجيا والرقمنة في صميم العمليات الإدارية، ظهرت الحاجة إلى مصطلح "الكعب الرقمي" أو "الإلكتروني". فبدلًا من التنقل بين المكاتب والموظفين، أصبح الأفراد اليوم ينتقلون بين المنصات الإلكترونية والبوابات الرقمية، مما يؤدي إلى تكرار المعاناة وملاحقتها، حيث تحولت الحواجز من مادية إلى تقنية وإجرائية، تفرضها أنظمة إلكترونية معقدة أو مواقع إلكترونية تفتقر إلى الفعالية.
يجد المواطن نفسه في مواجهة صعوبات جمة في التأقلم مع هذه الأنظمة الرقمية المتطورة، التي قد تتطلب مهارات تقنية لا يمتلكها الكل. بالإضافة إلى ذلك، تعكس الأخطاء التقنية والتأخير في عمليات المصادقة وإنجاز المعاملات واقعًا جديدًا من البيروقراطية، يتطلب صبرًا ومتابعة دؤوبة.
وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي من الرقمنة هو تعزيز الكفاءة وتسريع الإجراءات، إلا أن التحول الرقمي لا يزال يواجه تحديات جمة، ويتطلب تعزيز البنية التحتية التقنية، وتوفير تدريب مكثف وشامل للموظفين والمستخدمين، وتطوير آليات دعم فني فوري وفعال. لذلك، فإن التحول الرقمي السريع والمثمر يتطلب وضع خطط إستراتيجية محكمة تضمن انتقالًا سلسًا وفعالًا للجميع، مما يسهم في التخفيف من حدة مشاكل "الكعب الرقمي" واستعادة الثقة في النظام الإداري بحلته الجديدة.
على سبيل المثال، يواجه المواطنون العديد من العقبات الفنية عند متابعة التراخيص والمعاملات مع بعض الأمانات، وأبرز هذه المشكلات تتجلى في الآتي:
تعطيل النظام الإلكتروني أو انقطاع الخدمة، مما يعيق الدخول إلى منصة "بلدي" أو التطبيقات التابعة للأمانة بسبب أعمال الصيانة أو الأعطال الفنية الطارئة. وأحيانًا تعجز الخوادم (السيرفرات) عن استيعاب الضغط الهائل من المستخدمين، مما يؤدي إلى صعوبة بالغة في إنجاز المعاملات إلكترونيًا، خاصة في ظل الإجراءات المعقدة أو عدم وضوح الخطوات المطلوبة، مما يضطر المراجع إلى زيارة الفرع شخصيًا. علمًا أن بعض الخدمات غير متاحة عبر المنصة وتستدعي الحضور المباشر. هذا بالإضافة إلى المشاكل المتعلقة بالتوثيق أو التسجيل، والصعوبات في ربط الهوية الوطنية أو حساب "أبشر" بالنظام. وتزداد المعاناة مع وجود أخطاء في البيانات المطلوبة أو تعارض في المعلومات المسجلة، مما يفاقم من مشكلة "الكعب الرقمي الدائر". وما يزيد الطين بلة هو البطء الشديد في معالجة الطلبات والتأخر في إصدار التراخيص أو الموافقات دون إشعار واضح بالأسباب، وعدم وجود تحديثات لحالة الطلب (مثل: "قيد المراجعة" لفترات طويلة). وعندما تصل الأمور إلى ذروتها، يواجه المراجعون مشاكل في الدفع الإلكتروني، وتعطل بوابة الدفع (مثل: سداد) أو رفض المعاملة دون مبرر واضح. وحتى لو كان المراجع محظوظًا، فقد يصطدم بعدم استلام النظام لإشعار الدفع رغم اكتماله. ومما يزيد الأمر تعقيدًا، ضعف الدعم الفني والاستجابة للاستفسارات، والتأخر في الرد على بلاغات الأعطال عبر تويتر أو مركز الاتصال (٩٢٠٠٠٠٩٩٥)، وعدم وضوح آلية التظلم أو متابعة الشكاوى التقنية.
بهذه الصورة، يتحول "الكعب الدائر" التقليدي إلى "كعب رقمي" يعيد إنتاج المعاناة بصورة جديدة، حيث تختفي الطوابير الورقية ليحل محلها طوابير افتراضية، وتتبدل الأوراق المفقودة بأخطاء نظامية غامضة. وعلى الرغم من أن الرقمنة جاءت حاملة وعودًا بالسهولة والشفافية، إلا أنها – بدون بنية تحتية قوية ودعم فعال – قد تحولت إلى عائق تقني يضيف طبقة جديدة من التعقيد. فالتحدي الحقيقي ليس في التحول الرقمي بذاته، بل في جعله أكثر إنسانية، يراعي قدرات المستخدمين المحدودة، وتحويل السرعة النظرية إلى سلاسة عملية. وإلا، فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة: من "كعب" ورقي إلى "كعب إلكتروني"، دون أن نصل إلى جوهر الإصلاح الإداري الحقيقي والمنشود.
على الرغم من التحول الجذري الذي أحدثته التكنولوجيا، وما جلبته من مزايا جمة وفوائد عظيمة، إلا أن هذه الرقمنة قد أسفرت عن ظهور نوع جديد من البيروقراطية العصرية، يتجلى في صور مختلفة من المعاناة. فمع دخول التكنولوجيا والرقمنة في صميم العمليات الإدارية، ظهرت الحاجة إلى مصطلح "الكعب الرقمي" أو "الإلكتروني". فبدلًا من التنقل بين المكاتب والموظفين، أصبح الأفراد اليوم ينتقلون بين المنصات الإلكترونية والبوابات الرقمية، مما يؤدي إلى تكرار المعاناة وملاحقتها، حيث تحولت الحواجز من مادية إلى تقنية وإجرائية، تفرضها أنظمة إلكترونية معقدة أو مواقع إلكترونية تفتقر إلى الفعالية.
يجد المواطن نفسه في مواجهة صعوبات جمة في التأقلم مع هذه الأنظمة الرقمية المتطورة، التي قد تتطلب مهارات تقنية لا يمتلكها الكل. بالإضافة إلى ذلك، تعكس الأخطاء التقنية والتأخير في عمليات المصادقة وإنجاز المعاملات واقعًا جديدًا من البيروقراطية، يتطلب صبرًا ومتابعة دؤوبة.
وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي من الرقمنة هو تعزيز الكفاءة وتسريع الإجراءات، إلا أن التحول الرقمي لا يزال يواجه تحديات جمة، ويتطلب تعزيز البنية التحتية التقنية، وتوفير تدريب مكثف وشامل للموظفين والمستخدمين، وتطوير آليات دعم فني فوري وفعال. لذلك، فإن التحول الرقمي السريع والمثمر يتطلب وضع خطط إستراتيجية محكمة تضمن انتقالًا سلسًا وفعالًا للجميع، مما يسهم في التخفيف من حدة مشاكل "الكعب الرقمي" واستعادة الثقة في النظام الإداري بحلته الجديدة.
على سبيل المثال، يواجه المواطنون العديد من العقبات الفنية عند متابعة التراخيص والمعاملات مع بعض الأمانات، وأبرز هذه المشكلات تتجلى في الآتي:
تعطيل النظام الإلكتروني أو انقطاع الخدمة، مما يعيق الدخول إلى منصة "بلدي" أو التطبيقات التابعة للأمانة بسبب أعمال الصيانة أو الأعطال الفنية الطارئة. وأحيانًا تعجز الخوادم (السيرفرات) عن استيعاب الضغط الهائل من المستخدمين، مما يؤدي إلى صعوبة بالغة في إنجاز المعاملات إلكترونيًا، خاصة في ظل الإجراءات المعقدة أو عدم وضوح الخطوات المطلوبة، مما يضطر المراجع إلى زيارة الفرع شخصيًا. علمًا أن بعض الخدمات غير متاحة عبر المنصة وتستدعي الحضور المباشر. هذا بالإضافة إلى المشاكل المتعلقة بالتوثيق أو التسجيل، والصعوبات في ربط الهوية الوطنية أو حساب "أبشر" بالنظام. وتزداد المعاناة مع وجود أخطاء في البيانات المطلوبة أو تعارض في المعلومات المسجلة، مما يفاقم من مشكلة "الكعب الرقمي الدائر". وما يزيد الطين بلة هو البطء الشديد في معالجة الطلبات والتأخر في إصدار التراخيص أو الموافقات دون إشعار واضح بالأسباب، وعدم وجود تحديثات لحالة الطلب (مثل: "قيد المراجعة" لفترات طويلة). وعندما تصل الأمور إلى ذروتها، يواجه المراجعون مشاكل في الدفع الإلكتروني، وتعطل بوابة الدفع (مثل: سداد) أو رفض المعاملة دون مبرر واضح. وحتى لو كان المراجع محظوظًا، فقد يصطدم بعدم استلام النظام لإشعار الدفع رغم اكتماله. ومما يزيد الأمر تعقيدًا، ضعف الدعم الفني والاستجابة للاستفسارات، والتأخر في الرد على بلاغات الأعطال عبر تويتر أو مركز الاتصال (٩٢٠٠٠٠٩٩٥)، وعدم وضوح آلية التظلم أو متابعة الشكاوى التقنية.
بهذه الصورة، يتحول "الكعب الدائر" التقليدي إلى "كعب رقمي" يعيد إنتاج المعاناة بصورة جديدة، حيث تختفي الطوابير الورقية ليحل محلها طوابير افتراضية، وتتبدل الأوراق المفقودة بأخطاء نظامية غامضة. وعلى الرغم من أن الرقمنة جاءت حاملة وعودًا بالسهولة والشفافية، إلا أنها – بدون بنية تحتية قوية ودعم فعال – قد تحولت إلى عائق تقني يضيف طبقة جديدة من التعقيد. فالتحدي الحقيقي ليس في التحول الرقمي بذاته، بل في جعله أكثر إنسانية، يراعي قدرات المستخدمين المحدودة، وتحويل السرعة النظرية إلى سلاسة عملية. وإلا، فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة: من "كعب" ورقي إلى "كعب إلكتروني"، دون أن نصل إلى جوهر الإصلاح الإداري الحقيقي والمنشود.